المادة    
السؤال: مجموعة من الفتيات متساهلات في أمر دينهن فلا يتحجبن الحجاب الكامل، ويتبعن الموضات والأزياء، وقد يقمن بصداقات محرمة.. فكيف نستطيع تغيير مجرى حياتهن، بحيث يكون همهن هو هذا الدين والدعوة إليه، والأمر صعب ويحتاج إلى جهد كبير معهن؟
الجواب: لا شك في ذلك، ما يمكن أن نسميه الغافلات -وكلنا غافل إلا من رحم الله عز وجل- نسأل الله سبحانه وتعالى أن يصلح أحوالنا وأن يجنبنا ذلك، هؤلاء الأخوات الغافلات أخواتنا في الإسلام في أحوج ما يكون إلى النصح والهداية، لا شك أن العمل معهن يتطلب جهداً وعملاً دائماً، ويتطلب مصابرة ومثابرة وسعياً دءوباً وتجارب، بل منهجية تأخذ من التجارب وتفيد من هذه الأعمال، وترتبها وتنظمها لتقديم الخير في أفضل وأزكى وأقرب صورة ترق بها قلوب هؤلاء الأخوات والإخوة جميعاً.
على أية حال: مسألة تغيير العاصي إلى أن يكون مطيعاً، أو المبتدع إلى أن يكون مستقيماً على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي من جنس تغيير الكافر ليكون مسلماً وإن كانت أخف عبئاً.
وعلى أية حال هذا عمل الأنبياء، وهذه وظيفتهم، وهذا شأنهم، وهذا همّ من وفقه الله تبارك وتعالى لاقتفاء طريقهم: ((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ))[يوسف:108].
وأذكر الأخوات الكريمات بأمر قد يغيب عن الأذهان، وهو ألا نكتفي بمجرد إحكام المنهج الدعوي في كونه كلمة أو شريطاً أو فيلماً أو نشرة، بل نحتاج إلى عمل قبل ذلك ومعه وبعده، وهو الإخلاص لله سبحانه وتعالى، والاجتهاد في الدعاء والضراعة إليه بأن يهدي الله سبحانه وتعالى من ضل، وأن يذكر من غفل، وأن يجعلنا جميعاً هداة مهتدين.
هذا الاهتمام والدعاء هو مما تتواصل به القلوب وقد لا تدركه الأبدان، وقد لا يدخل تحت اختبارات المعامل والتجارب، لكن القلوب عندما تتخاطب وتتجاوب الله عز وجل يفتح من الأساليب ما لا يدركه البشر، والكلمة الطيبة لا تضيع إذا خرجت من قلب صادق، فإنها مثل البذرة الصالحة إذا زرعت اليوم فإنها بإذن الله تبارك وتعالى لو وقع عليها المطر ولو بعد حين أنبتت، ربما في مكان أو في زمان لا يظن من ألقاها أول مرة أنه هو الذي ألقاها وبذرها، ولكن الحكيم العليم يعلم ذلك، فيكون له أجرها وأجر من عمل بها إلى قيام الساعة سواء علم هو أو لم يعلم.
والمهمة شاقة لا شك في ذلك، والعلم صعب، لكن واجبنا جميعاً أن نجتهد فيه، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا فيه، وعلى قدر الاجتهاد والتركيز مع فئة مؤمنة منتخبة صالحة تكون عماداً لقيام الأمة تكون النهضة العامة للأمة، لا بد من قاعدة قوية، ومن فئة أو نخبة مصطفاة منتقاة من الإخوة والأخوات يتربون، بل يتزكون تزكية عالية منهجية؛ وبهؤلاء وعليهم تقوم الأمة.
فالمراد هنا أمران: جانب البلاغ العام، والأمر الآخر والمهم جداً هو التركيز على صفوة مختارة تقيم الحجة على العباد بالفقه والعلم والدين والزهد، وبالضراعة والإنابة والرغبة والرجاء إلى الله تبارك وتعالى، فلا بد من السعي المتكامل في هذا الشأن، وهو -باختصار- شأن الدعاة جميعاً، فأي كلام يمكنك أيتها الأخت الفاضلة أن تقوليه في دعوتك إلى الله عز وجل فإنه يقال في هذا الموضع، وهو شأننا جميعاً، نسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك جهودنا إنه على كل شيء قدير.